القصة الكاملة لـ''العفريت'' الجزائري المتهم بالجوسسة في مصرهو جزائري
اسمه ''سليمان بن السعدي'' من مواليد 1964 بمدينة باتنة، تنقل إلى مصر
بتاريخ 18 أوت 2008 للعمل في مجال البناء، وهو ما تحقق له بالعمل كمساعد
بنّاء في ورشة تابعة لشركة ''عثمان أحمد عثمان'' بمنطقة ''مرسى مطروح''
البعيدة عن الإسكندرية بحوالي 300 كلم، الذي اتجه إلى مصر بعد أن رأى فيها
بوابة بناء المستقبل.
شارع الهرم وبداية سقوط القناع واكتشاف الحقيقةككل يوم،
استيقظ ''سليمان'' باكرا صبيحة يوم 1 فيفري 2011 واتجه إلى ورشة ''عثمان
أحمد عثمان'' للعمل، لكن هذه المرة وعلى غير العادة أخطر رئيس الورشة
عماله بأن يعودوا يوم السبت لأسباب مجهولة، ليعود ''سليمان'' أدراجه قاصدا
الشقة التي يقيم بها، وفي حدود الثامنة والنصف صباحا اعترض طريقه شخصان من
الأهالي كما يسمون، وسألاه عن هويته، فرد على أساس أنه جزائري جاء بحثا عن
كسب القوت مستدلا بجواز سفره الأخضر، وهنا يقول ''سليمان'' متحدثا
لـ''النهار'' في بيته بحي الشهداء بمدينة باتنة، والرعب ما زال يسكن كل
جوارحه، هاج الشخصان بمجرد أن عرفا أنه جزائري وقاما بداية بسبه وشتمه
وشتم كل ما يتعلق بالجزائر ورموزها، ونادى على الأهالي المحيطين بهم أن ها
هو جزائري، فهاج العشرات والتفوا من حوله محاولين الإعتداء عليه، قبل أن
ينهرهم البعض ويقتادونه إلى محافظة الجيزة على مسافة حوالي 500 متر، وهناك
سلّموه لمجموعة من الرجال في زي مدني لم يحدد هويتهم ما إن كانوا من أفراد
الشرطة أم أنهم من الجيش، هؤلاء وبعد أن علموا بجنسيته ووصفوه بأقبح
النعوت والأوصاف، طلبوا منه أولا أن يبرك كما تبرك الجمال، وقاموا بتقييد
يديه ورجليه بالحبال إلى الخلف، وبدأت رحلة الإستنطاق والعذاب المشين
والمهين، عندما شكّوا بأن الذي بين يديهم رجل مخابرات أرسل لقتل رئيس
الأمن المصري والرئيس مبارك في ميدان التحرير، ورغم أن كل الأسئلة التي
كانت محور الإستنطاق البوليسي تدور حول الغرض من التواجد في مصر وعن مصدر
الأموال التي عثرت بحوزته- حوالي 15 مليون سنتيم بالعملة الوطنية، وبعد
نصف ساعة من الاحتجاز والعذاب والركل واللكم والجر، تم حمل سليمان كما
تحمل الأكياس وقذف به إلى داخل سيارة تابعة للشرطة فوق مجموعة من المقيدين
مثله، وحوّل إلى منطقة ''المربوطة'' شمال الجيزة، أين يتواجد معتقل به
العشرات من الموقوفين.
العفريت الذي ورّط البنّاء حفيد الشّهيد وحوّله إلى رجل مخابراتوعند
إيصال ''سليمان'' ومن معه إلى معتقل ''المربوطة'' وإنزاله رميا من السيارة
إلى وسط حشود بشرية انهالت عليه ضربا مبرحا بمجرد أن نادى الضابط ''لكم
هذا جزائري''، بدأ شوط آخر من التعذيب، ومحاولة إجبار ''سليمان'' على
الاعتراف بأنه جاسوس، وما زاد من شكوك رجال نظام مبارك هو اللباس الذي كان
يرتديه ''سليمان'' والخاص بشركة البناء التي يعمل لديها، كون الشرطة
اعتقدت أنّ ارتداءه لتلك البذلة التي يسميها المصريون بـ''العفريت'' كان
من أجل التمويه فقط، ومن معتقل المربوطة إلى مقر الأمن المركزي رحلة جديدة
من العذاب، يرويها الجزائري حفيد الشهيد وابن المجاهد، حيث قال أنّ رجال
الشرطة ومن بينهم ضباط وضباط سامون جردوه من كل ملابسه وعلقوه إلى باب
خزانة أحد مكاتب المبنى في الطابق الرابع، وبدؤوا في إهانته نفسيا بوضع
أجسام لم يتبين طبيعتها في دبره وهم يسبون كل ما هو جزائري، ناهيك عن
الركل واللكم والتهديد بكهربته حتى الموت، مانعين منه الماء رغم عطشه
الشديد ورغم أنه كان يطلب منهم الرحمة، وإغاثته بقطرة ماء، إلا أنّ رغم كل
ذلك كان ''سليمان'' لا يسمع سوى ردا واحدا ''الشرطة المصرية لا ترحم''،
ولمّا عرف وتأكد المحققون بأن ''سليمان'' مجرد مساعد بنّاء جاء لكسب قوت
العيش قرّروا أن يعتقلوه أربعة أيام كاملة في غرفة ضيقة مع أكثر من 20
مصريا قبض عليهم في المظاهرات الأخيرة، قبل ترحيله إلى الجزائر التي قال
عنها ''سليمان'' أنها جنة أرض، خاصة بعد أن وجد كل الرعاية والإهتمام من
قبل الشرطة الجزائرية التي أطعمته وسقته وحتى بكت على حاله بعد أن قصّ
عليها روايته التي لم يسرقها من قصص الخيال وإنما وقف عليها في أربعة أيام
عند آل مبارك...
لمجرد كونه جزائري.