إسقاط الجنسية الجزائرية عمّن إختار الجنسية الفرنسية
600 ألف جزائري يحملون الجنسية الفرنسية في أواخر 2010
وزراء، معارضون، رجال أعمال يتحركون بقبعة فرنسية في الجزائر لحماية مصالحهم
يتجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى فتح تحقيق في ما يعرف بملف الجزائريين مزدوجي الجنسية،لا سيما الإطارات والمسؤولين وبعض الفاعلين في قطاعات حساسة بالجزائر، بعد أن تحول هذا الملف إلى تهديد حقيقي، لأن الجزائر خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع بروز تشريعات جديدة بشأن حماية الأقليات ومنها قانون وزير الخارجية الفرنسي كوشنر.
وكشفت مصادر متطابقة؛ أن هذا التوجه لدى الرجل الأول في قصر المرادية لفتح هذا الملف لأول مرة، يعود أساسا إلى بروز معلومات خطيرة خلال الفترة الأخيرة، تشير إلى أن العديد من حاملي الجنسية الجزائرية والفرنسية يتحركون تحت مظلة رسمية فرنسية في الجزائر.
ويرتقب أن تركز اللجنة التي يعتزم تنصيبها قريبا، إلى النظر مجددا في قانون الجنسية المعدّل قبل سنوات، لمعرفة التغييرات التي يتوجب القيام بها لحفظ مصالح الشعب الجزائري إزاء أولئك الذين اختاروا الجنسية الفرنسية أو غيرها، حيث تثير المواد التي تعطي للجزائر حق اكتساب أكثر من جنسية حفيظة الكثير من الأوساط، بالنظر إلى حالة العبث التي أصبحت تميز تصرفاتهم، سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة.
وليس سرا أن دولة مثل موريتانيا لا تزال إلى حد الساعة ترفض الإبقاء على الجنسية الموريتانية، لأولئك الذين اختاروا الحصول على جنسيات أخرى دون سبب يبرر ذلك، وقد يكون مفيدا التأكيد في هذا الشأن، أن العديد من الدول بدأت خلال الأعوام الأخيرة، النظر في مسار منح الجنسية ومراجعة شروطها بما يضمن أمن وسيادة هذه الدول. ويجري حديث في أوساط قدماء المجاهدين والأسرة الثورية، على ضرورة حرمان كل من يطلب جنسية ثانية من حق الجنسية المكتسبة، وهي الجنسية الجزائرية، وهذا لصيانة مصالح الجزائريين، خاصة وأن عدد 600 ألف جزائري يكتسب الجنسية الفرنسية، أصبح رقما يثير مخاوف في أعلى دوائر القرار برئاسة الجمهورية.
وتشير تقديرات شبه رسمية،إلى أن عدد الجزائريين مزدوجي الجنسية، من الذين يحملون جنسية أجنبية، بالإضافة إلى الجنسية الجزائرية وخاصة الفرنسية، تجاوز أواخر سنة 2010 عددهم أكثر من 600 ألف جزائري.
وتزايد عدد التقارير الرسمية التي تشير إلى لجوء شخصيات ورجال أعمال، سياسيين، وزراء وحتى معارضين وإعلاميين، للحصول على الجنسية الفرنسية خلال الفترة الأخيرة، وبعضهم يتحرك في السفارة الفرنسية بالجزائر العاصمة بشكل مستمر، وأيضا في الساحات العامة للمطالبة برحيل الرئيس بوتفليقة ونظام الحكم الجزائري ككل.
وبالمقابل سجل تزايد عدد الوزراء الذين يقضون أغلب أيام الأسبوع في فرنسا، لأسباب مختلفة، بينما لا يلتحقون بمكاتبهم بالعاصمة إلا نادرا، وهي ظواهر تحولت إلى عادة بدأت تثير حالة من الإحتقان على أعلى مستوى، بسبب عدم وجود رادع لمثل هذه التصرفات الغريبة.
وحتى كبار الموظفين في الإدارة العمومية، أصبح توافدهم على السفارة الفرنسية أو العاصمة باريس، يتزايد بشكل غير مسبوق، وهو ما عزز الانطباع بأن فريق كبير من مزدوجي الجنسية، أوكلت لهم مهمات سامية في الدولة سابقا، دون أدنى تحريات تستوفي شروط الأمانة والوطنية.
وكانت بعض وجوه المعارضة في الجزائر ممن يحملون الجنسية الفرنسية، قد صدموا الشعب الجزائري بتصريحاتهم التي تدعو الفرنسيين إلى التدخل في الجزائر، بدعوى إرساء الديمقراطية، وإن كان بعضهم قد اكتسب الجنسية الفرنسية أبا عن أم خلال فترة الحرب العالمية الثانية، فإن آخرين من جيل الإستقلال قاموا بطلب الجنسية الفرنسية لحماية مصالحهم وتوفير غطاء لتحركاتهم المشبوهة في الجزائر.
وقال مصدر بارز لـ''النهار''؛ أن من بين ما رصدته تقارير رسمية، ما له صلة بقضايا فساد، مضيفا أنه تم تسجيل قيام عدد معتبر من مزدوجي الجنسية من إطارات ورجال أعمال بتهريب أموال وممتلكات منقولة إلى الخارج، من خلال استغلال جنسياتهم الأجنبية، وهو الحق الذي يمنحهم حق تحويل ممتلكاتهم إلى خارج البلاد، دون محاسبتهم أو منعهم.
وكانت قضية المسؤولين والإطارات مزدوجي الجنسية، خصوصا الوزراء وكبار المسؤولين، قد أثارت منذ سنوات الكثير من الجدل في الجزائر، حيث سبق للرئيس بوتفليقة، أن انتقدهم في خطاب رسمي، قبل ٤ سنوات، كما تعالت أصوات شخصيات سياسية ووطنية محذرة من ''خطرهم'' على أمن واقتصاد البلاد، بحكم تغلغلهم داخل دواليب الإدارة وكبرى المؤسسات العمومية والإقتصادية.