أبناؤنا ....... والشقاق الاسري لم يحب أحدهما الآخر على ما أعتقد، كانا دائما الشجار والعراك، لكن والحق يقال فقد كانا يحاولان ألا يُظهرا هذا أمامي أنا وإخوتي ،
كانا يحاولان إيهامنا دائما أن علاقتهما على ما يرام، كنا نسمع صراخهما في غرفة النوم ، لكنهما ـ وفي كل مرة ـ يخرجان وابتسامتهما ترتسم على الشفاه، ابتسامة أقرب لقول الزور!!.
يؤكد علم النفس أن أحد أهم الأشياء التي يمكن أن يقدمها الأب والأم لأطفالهما، أن يحبا بعضهما البعض!.
ويوضح علماء النفس أن الطفل الذي ينشأ في بيئة تغلب عليها مشاعر الحب والمودة، يكون أكثر شعورًا بالأمان والطمأنينة،
حتى وإن لم يشمل هذا الحب الطفل نفسه!،
وذلك لأن الطفل وقتها يشعر بأن والديه سيبقيان معه ويوفران له ما يحتاجه من أمان وراحة، ولن يكون مضطرًا في يوم من الأيام للاختيار بين الأب والأم .
فليس بالشيء الهين أبدًا أن يرى الابن أباه يتشاجر مع أمه، أو ينشأ في بيئة تحيطها المشكلات من كل جانب،
فالشجار بين الأبوين يزرع في نفسه اعتقادًا بهشاشة أسرته وإمكانية تفككها وتعرضها للضياع، كما أن ولاءه يتشتت بين الأب والأم،
ودائما يتجه إلى صف الطرف الذي يراه الأضعف والذي -عادة- ما يكون الأم، وقد يدفعه هذا لكراهية الأب وتمني اختفاءه،
بالإضافة إلى الاضطراب النفسي الذي يتملكه وانطوائيته، ويكون صعبًا عليه ممارسة نشاط مع أقرانه أو الاندماج في المناسبات الأسرية،
أضف إلى هذا القلق والخوف والتوتر الدائم، كذلك محاولته البحث عن الحب خارج المنزل، وهذا قد يعرضه لخطر أن يحتويه صديق سوء.
أيضا هناك آثار فسيولوجية مترتبة على الأسباب السابقة، مثل: التبول اللاإرادي، وقضم الأظافر، والتأتأة.
كذلك فإن كبت المشاعر السلبية بين الزوجين لحظة وجود الطفل ظنًا منهما أن الطفل لا يلمح تلك المشاعر دربٌ من الخيال، فالطفل ذكي ويفهم النظرات والكلمات المخفية المتبادلة بين الزوجين أو (الحرب الباردة) إن جاز التعبير.
والأخطر من ذلك أن يحيا الولد مرحلة الشقاق والجفاء بين أبويه، فهذا يُعدّ تمزيقًا قاسيًا لنفسيته، وصدمة تهز كيانه يومًا بعد يوم خلال تلك الفترة وما بعدها.
وأفضل شيء يمكن أن نفعله كي نُجنّب الطفل هذا التمزق النفسي، أن نتحاور أمامه، ونتصارح مصارحة هادئة،
وكلما علت نسبة الاحترام المتبادل خلال هذا الحوار كان أثره الإيجابي على نفسية الطفل أكبر.
أقسى الحقائق التي نوردها هنا أن الطفل الذي ينشأ في بيئة ممزقة، يتولد لديه قناعة أن هذا الشكل الذي يراه في بيته هو الشكل الطبيعي للبيت،
وأن الشقاق والتنافر والتلاطم بين الزوجين هو الشائع في البيوت، ويظل هذا الاعتقاد ملازمًا له، إما إلى أن يتزوج ويحاول تطبيق هذا النموذج في بيته،
أو إلى أن يرى صورة مثالية لبيت سليم تربويًا، تنتشر بين أرجائه المودة والرحمة فيتولد لديه حزن وأسف، وقد يكون حنقًا ورفضًا لأبويه اللذين رأى منهما العذاب النفسي ألوانًا.
مشكلة أخرى يولدها الشِقاق الأسري وغياب الحب، ولا يريد أن ينتبه إليها الأبوان، وهي مشكلة التحصيل الدراسي المتدني الذي يلازم الطفل.
وذلك لأن الطفل الذي يعيش حالة الشقاق الأسري يشعر دائمًا بقلق داخلي، ويصعب على إدراكه تمييز كنه هذا القلق وإدراك ماهيته، مما يؤثر على قدرته على التواصل الجيد،
والتعبير عن شعوره بشكل صحي، ومما يدفع مدرسيه إلى نعته بالمشاغب أو العدواني أو الكسول ،
ويجد نفسه مواجه بمشاكل في المدرسة تضاف إلى مشاكله التي في المنزل، ويتدنى تحصيله الدراسي، مما يسبب للوالدين مشكلة إضافة!.
انظرا ما الذي يمكن أن يفعله غياب الحب ـ عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة ـ تأكدا من أن الحب الذي نمارسه نحن الكبار .. تعود تداعياته بشكل أكبر على أحبائنا الصغار!.