السلام عليكم و رحمة الله و بركاته؛ أطيب تحية لأحلى أعضاء
تعودنا في سهرات رمضان على لعبة البوقالات لكم لم نسأل انفسنا و لا مرة عن
تاريخها و لا عن معناها و تسميتها وهي لعبة- البوقالة- تميز قعدات و سهرات رمضان بالجزائر،
حيث تزداد شعبيتها كلما حل هذا الشهر الكريم، إذ ثعود لتحتل مكانتها الحميمية وسط النسوة
في سهراتهن فوق أسطح القصبة العتيقة أو في وسط دويرتها و أفنيتها، حيث يتفنن
النساء في ابتكار أحكام و أمثال شعبية باللهجة الجزائرية، و كانت تلعب خاصة في
المناسبات أين تتجمع فيها النساء كسهرات الأعراس أو أي مناسبة مفرحة.و تعتبر البوقالة فن تراثي متوازن شفويا من الموشحات الأندلسية، احد أهم روافد
الرصيد التاريخي و الثقافي الشعبي الجزائري، وهو تقليد جزائري قديم نشأ في مدينة
شرشال (90 كلم غربي الجزائر( .زمن العهد الفينيقي .و يشتق اسم بوقالة من الكلمة الامازيغية "بوقال". و هو عبارة عن إناء مصنوع من الفخار لشرب
الماء أو الحليب.عادة ما تنظم سهرات رمضان داخل
البيوت، وما يزيدها حلاوة هي قعدة البوقالات التي تكون بين العزبات والمتزوجات،
حيث تتكفل إحداهن باستضافة جميع النسوة من الجيران والأقارب حول صينية الشاي وأطباق
القلب اللوز و الزلابية.. و تقوم
بإحضار الإناء الفخاري المسمى بالبوقالة، و تضع فيه القليل من الماء، ثم تطلب من
الفتيات نزع خواتمهن و وضعها داخل الإناء بعدها يغطى بمنديل من القماش، و تبدأ
الكبيرات في السن بقول الفال كالتالي : بسم الله ابديت و على النبي صليت يا ربي
أعطينا الفال و لاقينا بأولاد الحلال، ثم تشرع الحاضرات بقراءة الموشح الشعبي، و
الذي يحتوي في معانيه صفات فارس الأحلام و أحاديث عن الحب و الفراق و بعضها الآخر
مسلية و مثيرة، لتزيد من روعة الزمان و المكان، ثم تسرب القارئة يدها إلى داخل
"البوقال" لسحب قطعة من الحلي الموجودة بداخله، و تفسر حكمتها لصاحبة
الحلية. و لعل أهم ما يميز لعبة البوقالة هي وضع النية في القلب بالتفكير في
شخص من الأشخاص إن كان زوحا أم أخا أم إبنا، و حتى الأعداء و الخصوم لهم نصيب من
ذلك، فتقرأ أبيات الموشح الشعبى الموجهة لها على الاسم الذي اختارته في قلبها، و من
أساسيات "البوقالة" كذلك أن لا تنال
المرأة حظها من الأبيات الشعرية بشرط أن تمسك من تنورتها أو خمارها أو أي قطعة
قماش أمامها وتصنع فيها عقدة صغيرة ثم تقوم بفتحها بعد الاستماع إلى البوقالة.و
تكشف إن أرادت عن الشخص الذي نوت عليه الفال.
و لكن في
الآونة الأخيرة لم تعد لعبة البوقالة تمارس بالشكل الذي كانت عليه في الماضي، حيث
غابت تلك السهرات الرمضانية الرائعة، و أصبحت النسوة تكتفين بالاستماع إلى
البوقالات دون نزع خواتمهن و استحضار الفال، بل تنحصر فقط في نطاق ضيق عند بعض
البيوت التي لا زالت تحافظ على نكهة التقاليد العاصمية العريقة ، كما تنشر حاليا
في الجرائد و تبث في بعض الاذاعات المحلية و كذلك المجلات الالكترونية ، بهدف الحفاظ
على الموروث الشعبي و حمايته من الاندثار حتى ولو كان على الطريقة الحديثة.
أتمنى أني لم أطل عليكم الحديث لأن مواضي عادة ما تكون طويلة فاعذروني