اسلاميو 'الجزائر' يريدون صنع 'ربيعهم' بصناديق الانتخاب
كمال زايت
تستعد أحزاب التيار الإسلامي في الجزائر لخوض الانتخابات البرلمانية
القادمة، والتي من المقرر إجراؤها في نيسان (أبريل) القادم وسط ظروف
استثنائية، هذه الأحزاب التي تراجعت مكانتها في الخارطة السياسية تريد
استغلال صعود نجم التيار الإسلامي في الدول العربية التي عاشت 'ربيعا' دام
قرابة سنة، لإحداث مفاجأة في الانتخابات القادمة.
وكانت حركة
مجتمع السلم التي تعتبر الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، حتى وإن
أضحت تتحلل من هذه 'التهمة'، أول من أعطى إشارة الانطلاق للسباق نحو قصر
'زيغود يوسف' (مقر البرلمان) فقد بدأت هذه الحركة التي أسسها الراحل محفوظ
نحناح في بداية تسعينيات القرن الماضي، بتسمية حركة المجتمع الإسلامي،
والتي كانت تسمى اختصارا 'حماس'، لتضطر الحركة بعد ذلك لحذف كلمة الإسلامي
وتتحول إلى حركة مجتمع السلم بعد إقرار دستور 1996، الذي قرر حظر استخدام
كل ما له علاقة بالدين أو الهوية في تسميات الأحزاب.
الحركة دخلت
منذ تسعينيات القرن الماضي في مسار المشاركة مع السلطة، وشاركت في كل
الحكومات، وهو ما جعلها تخسر تدريجيا مواقعها ومواقفها، بما جعل نتائجها
تتراجع في الانتخابات البرلمانية والمحلية، ولكنها قررت في عام 2003، تشكيل
تحالف رئاسي مع حزبين آخرين، هما جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني
الديمقراطي، وسار هذا التحالف منذ ذلك التاريخ، ورغم الخلافات بين أطرافه،
إلا أنهم حافظوا على الحد الأدنى، بالتأكيد في كل مرة أنهم متحالفون من أجل
تطبيق برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير أن الأمور بدأت تتململ منذ
بضعة أشهر، عندما هدد رئيس 'إخوان' الجزائر بالانسحاب من التحالف.
مقدمات خروج
تهديد أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم قابله رد فعل سريع من الوزير
الأول وزعيم التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، الذي قال بصريح
العبارة، أن 'الباب يفوت جمل' على رأي أشقائنا المصريين، ولكن الأمور تم
تداركها بسرعة، وأخمدت الفتنة بين أطراف التحالف، لكنها لم تكن سوى استراحة
محارب.
وعاد النقاش مجددا حول مسألة انسحاب الحركة من التحالف
الرئاسي، بعد الخلاف الذي دب بينها وبين شريكيها بخصوص قوانين الإصلاح
السياسي، فبالرغم من أن 'حمس' شريكة في الحكومة، إلا أن مشاريع القوانين
التي جاءت بها هذه الأخيرة مثل قوانين الأحزاب، والجمعيات، والإعلام
والانتخابات والأحزاب لم تنل رضا الحركة، والتي اتهمت شريكيها بإفراغ
الإصلاحات من محتواها، وطالبت بتدخل الرئيس بوتفليقة بقراءة ثانية للقوانين
الجديدة، لكن الرئيس رفض وتمسك بالقوانين التي جاءت بها الحكومة وصادق
البرلمان عليها.
ورغم التجاذبات التي وقعت داخل الحركة بخصوص
الانسحاب من التحالف، وكذا إمكانية الانسحاب من الحكومة، قررت الحركة أن
تحتكم إلى مؤسساتها، وأن ترمي بالكرة إلى ملعب المجلس الشوري، أعلى هيئة
بين مؤتمرين، المجلس الذي قرر بعد مد وجزر الخروج من التحالف، ولجأ إلى
مصطلح 'فك الارتباط' مع الحزبين الآخرين، مع التأكيد على بقاء الحزب في
الحكومة، التي يرأسها أحمد أويحيى.
قرار المجلس الشوري لحركة
مجتمع السلم جاء مفاجئا ومخالفا للتوقعات، على اعتبار أن التوجه العام قبل
انعقاد هذه الدورة كان مع البقاء في التحالف، لأن الانسحاب منه في هذا
التوقيت لا معنى له، علما وأن الانتخابات البرلمانية على الأبواب.
وبررت الحركة استبعاد خيار الانسحاب من الحكومة، بأنها لا تريد أن تظهر
وكأن لديها خلاف مع الرئيس، في حين أن دافع الانسحاب من التحالف، كان
'الضرر' الذي تسبب فيه 'الارتباط' مع حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع
الوطني الديمقراطي.
هذا المبرر قد لا يصمد طويلا، لأنه لو كانت
الحركة حريصة على 'مشاعر' الرئيس، لما كانت صوتت ضد مشاريع القوانين التي
جاءت بها الحكومة لتجسيد إصلاحات الرئيس، كما أن حمس كانت دائما تبرر عدم
توافقها مع شريكيها بخصوص الكثير من القضايا، بأن تحالفها هو مع الرئيس
وحول برنامج الرئيس، واليوم لما تخرج من التحالف، فهي تخرج من التحالف حول
برنامج الرئيس، لأنها لم تكن أبدا في تحالف حقيقي مع جبهة التحرير والتجمع
الوطني.
قيادة حركة مجتمع السلم تدرك أن الانسحاب ستكون له تبعات،
فمن جهة فإن تهمة تهمة 'الانتهازية'، وكذا 'الازدواجية' في السياسة
المتبعة ستلاحقها، على اعتبار أن الحركة تخرج من التحالف وتبقى في
الحكومة،وإذا خسرت الحركة في الانتخابات القادمة، فإنها ستكون في وضعية
حرجة،و لن يشفع لها شيء في هذه الحالة.
هناك من يعتقد أن خروج 'إخوان'
الجزائر من التحالف الرئاسي، هي خطة متفق عليها، لإعطائها نوعا من
المصداقية، ولرفع عنها الحرج في الكثير من المسائل، خاصة وأن الانتخابات
البرلمانية على الأبواب، والحركة فقدت الكثير بسبب اقترابها من السلطة، كما
أن دخولها إلى الانتخابات تحت عباءة التحالف سيؤدي بها إلى خسارة لا مفر
منها، خاصة وأنها ستكون أمام منافسة شديدة، حتى داخل الوعاء الانتخابي
للإسلاميين.
أحزاب ولاعبون جدد
ستكون الانتخابات
البرلمانية القادمة فرصة لدخول لاعبين سياسيين جدد إلى الساحة السياسية،
وخاصة في 'عائلة' الإسلاميين، التي وعلى خلاف الكثير من الدول العربية تضم
عدة أحزاب وتيارات مختلفة، حاليا هناك ثلاثة أحزاب تمثل التيار الإسلامي،
وهي حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني.
حركة
النهضة عرفت عدة هزات، كانت أعنفها مغادرة عبد الله جاب الله لها، في وقت
لا تزال فيه شخصية الزعيم الكاريزماتي تلعب دورا حاسما، كما أن الحركة تلقت
خسارة موجعة في الانتخابات البرلمانية لعام 2002، لم تستفق منها حتى الآن،
فضلا عن أن عدد من كوادرها هجروها من أجل تبوأ مناصب رسمية، فأمينها العام
السابق لحبيب آدمي عين سفيرا في السعودية، والقيادي عبد الوهاب دربال
سفيرا للجامعة العربية في بروكسل، ومحمد علي بوغازي مستشارا في الرئاسة،
ولكن هذه الحركة التي يقودها فاتح ربيعي تريد أيضا استغلال رياح الانفتاح
ووعود السلطة بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة من أجل العودة إلى الواجهة.
أما حركة الإصلاح الوطني فتوجد في أسوأ وضعية، فبعد الانقلاب على جاب
الله، سارت الأمور بشكل طبيعي نوعا ما، وقدمت الحركة مرشحا لها في
الانتخابات الرئاسية الماضية، والتي جرت في 2009، وهو محمد جهيد يونسي،
ورغم أن تهمة التواطؤ مع السلطة من أجل إبعاد جاب الله ظلت تلاحق قيادة
الحركة التي انقسمت بين تيار بقي وفيا لجاب الله وتيار فضل مقولة ' مات
المك يحيا الملك'، إلا أن التداول الذي عرفه منصب الأمين العام، جعل البعض
يأمل في أن تكون هناك تجربة جديدة لا مجال فيها للتسلط والاستمساك بالمنصب،
ولكن الأمور تحولت فجأة إلى النقيض تماما، ودبت صراعات بين مختلف قيادات
هذه الحركة، ووصلت إلى حد التشابك بالأيدي وجلب 'البلطجية' والطعنات
بالخناجر، لتنقسم الحركة المنقسمة أصلا إلى ثلاثة تيارات.
وفي
الانتظار توجد أحزاب جديدة معروفة بتوجهاتها الإسلامية، لذا فمن المنتظر أن
تعتمد وزارة الداخلية على الأقل ثلاثة أحزاب إسلامية جديدة، وهي جبهة
العدالة والتنمية التي يرأسها عبد الله جاب الله، وكذا حركة الدعوة
والتغيير التي يرأسها عبد المجيد مناصرة، وكذا حركة الحرية والعدالة التي
يقودها محند أوسعيد بلعيد المعروف باسم محمد السعيد المرشح للانتخابات
الرئاسية القادمة.
الحزب الجديد الذي أسسه جاب الله، وهو الثالث
في مسيرته السياسية، علما وأنه تعرض لانقلابين أبعداه عن حركة النهضة في
وقت أول، وحركة الإصلاح في وقت ثان، جاب الله المتهم من طرف خصومه بالتسلط
والتفرد بالقرارات يمكن أن يصنع المفاجأة، لأنه كان دائما يمثل المعارضة
داخل التيار الإسلامي المعتدل، لكن الفترة القصيرة التي تفصلنا عن
الانتخابات البرلمانية، قد لا تمكنه من إعادة هيكلة حزبه بما يسمح له
بمواجهة الأحزاب التي لديها خبرة وتواجد عبر كافة الولايات، ولكن جاب الله
مقتنع أن بإمكانه الاعتماد على شبكاته القديمة التي بقيت وفية له، رغم
مغادرته للنهضة والإصلاح، كما أن الانشقاقات التي عرفتها هذه الأخيرة قد
تلعب لصالحه، وقد راسل فعلا قدماء النهضة والإصلاح للالتحاق بحزبه الجديد.
وفي المقام الثاني نجد حركة الدعوة والتغيير التي أسسها عبد المجيد مناصرة
رفقة مجموعة من المنشقين عن حركة مجتمع السلم، هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم
'الورثة' الشرعيين لمحفوظ نحناح دخلوا في صراعات مع أبو جرة سلطاني، انتهت
بانشقاقهم وتأسيس حركة جديدة، لم تتوان في لبس عباءة الإخوان في هذا
التوقيت بالذات، وتعول هذه حركة 'مناصرة' على أن تكون بديلا لحركة أبو جرة،
وإن كانت الفوارق بين الحزبين تكاد تكون معدومة، لأن جماعة مناصرة لم
يستطيعوا أن يتخندقوا في المعارضة، خوفا من إقصائهم من الخارطة السياسية
حتى قبل دخولها رسميا، ولكن الأمر قد يختلف بعد حصولهم على الاعتماد
الرسمي.
ويأتي بعد هؤلاء حركة العدالة والتنمية التي يقودها محمد
السعيد، هذه الحركة القريبة من الإسلاميين، على اعتبار أنها جاءت على أنقاض
حركة الوفاء والعدل التي أسسها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي في عام 1999،
دون أن تحصل على الاعتماد، بل ذهب وزير الداخلية السابق نور الدين يزيد
زرهوني إلى حد القول أنه لن يكون الوزير الذي يوقع على عودة الحزب المحظور،
في إشارة إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مؤكدا على أن هذه الحركة تضم عددا
كبيرا من مسؤولي جبهة الإنقاذ ضمن أعضائها المؤسسين، وهو الاتهام الذي
رفضه الإبراهيمي، وتحدى الوزير أن يأتي بالدليل.
محمد السعيد
سيلعب حتما على 'تهمة' انتمائه للتيار الإسلامي من أجل الحصول على أصوات
الناخبين من أصحاب التوجه الإسلامي، وكذا إقناع الناخبين المقاطعين
للصناديق بجدوى الانتخاب هذه المرة، خاصة في ظل رياح التغيير التي تهب على
العالم العربي، وكذا بعد وصول عدد من أحزاب التيار الإسلامي للسلطة في بعض
الدول، بما يعطي ورقة للأحزاب الإسلامية الجزائرية يمكن أن تلعبها ضد
المتخوفين من
وصل إسلاميي الجزائر إلى السلطة
.
نتمناو يحكمو البلاد اسلاميين و يحكموها على الطريقة الاسلامية مادابينا بلادنا يكون حكم اسلامي على الطريقة الاسلامية وتعيش بلادنا بخير
و نعم للتغيير نعم للتغيير نعم للتغيير
الرئيسية 
موضوع: إسلاميو 'الجزائر' يريدون صنع 'ربيعهم' بصناديق الانتخاب 
